* القديس انطونيوس البادوي يعظ في بعض المدن الايطالية الاخرى *
-----------------------------------------------
بعد ان تم الصلح بين مدينة بادوا و ازيلينو ، غادر انطونيوس بادوا و انطلق يبشر ويعظ في بعض المدن الاخرى ، من الشمال الايطالي ، التابعة لأقليمه الرهباني .
وكان اول مدينة يدخلها مدينة فرارة ، حيث كلل الله مساعيه الرسولية بصنع معجزة فريدة مستظرفة اجراها الله على يديه ، نسردها فيما يلي (من افواه الاطفال و الرضع هيات تسبيحا )
( مت 21 : 16 ) كان بمدينة فرارة إمراة تقية ،من اسرة شريفة . يتهمها زوجها بالخيانة ،لا لسبب ظاهر إلا غيرته المتطرفة ، و ان طفلهما ليس طفله ..و لما لم يكن للمراة من شاهد على برائتها مما يتهمها به
زوجها ، سوى ضميرها ، فعبثا حاولت اقناعه بان ما يظنه في حقها ، ما هو الا مجرد وهم باطل ،لا صحة له و لا اساس في الحقيقة .وقد بلغ في تماديه في شكوكه انه اخذ يعاملها بقسوة و وحشية و يتهددها بالقتل
هي و طفلها ،الامر الذي احال حياتها الى جحيم مقيم . ذهبت المسكينة ، ذات يوم الى القديس وقصت عليه مأساتها مع زوجها ، وطلبت منه بألحاح كثير ان يذكرها كل يوم في صلواته ، كي يفٌرج الله عنها كربتها .
وعدها قديسنا خيرا . وبعد ان هدأ من روعها ،و حثها على الثقة بالله ،والقاء همها على رحمته تعالى وعنايته الابوية الساهرة .
لم تمض الا ايام معدودة و اذا بالقديس يذهب لملاقاة الرجل الغيور ، ويشاء الرب المولى الكريم ان يجده في بيته مع نفر من خلاٌنه و معارفه .فبعد ان جالسهم لحظة يحاورهم ويحاوروه فيما يتعلق بأمر خلاصهم
،اذا بالسيدة المشكوك في امانتها تدخل وطفلها على ذراعيها ، لتحية القديس . فما كان منه الا ان أوعز اليها ان تناوله طفلها الرضيع . فلما اخذه القديس على يديه ، باركه . وبعد ان داعبه قليلا ، قال له في حضرة القوم :
" قل لي ياخليقة الله المباركة ،من هو بين الحاضرين والدك "،و اذا بالرضيع يفتح فاه و يصوب يده الصغيرة نحو ابيه ، ويقول "هـذا والـدي ".عندئذ تقدم أنطونيوس الى الرجل ، والحضور مشدوهون مما رأوا وسمعوا ،
وقال له :"اليك طفلك ،يابني .فما عاد هناك مجال للشك او الارتياب في كونه ابنك " تلقفَ الرجل طفله من يدي القديس وهو يبكي .ولكنها كانت دموع فرح ، وفي الوقت ذاته دموع ندم لما فرط منه في حق زوجته الفاضلة ،
حتى اذا استقر طفله على ذراعيه اخذ يغمره تقبيلا و حنانا . وما ان ظهرت براءة السيدة على ذلك النحو المعجز العجيب ، حتى مجد الحاضرون الله ... الذي لايخيب آمال من يرجوه ، ويضع ثقته فيه سبحانه وتعالى .