* القديس انطونيوس البادوي في بولونيا وفلورنسا *
---------------------------------------------------------------
انطلق القديس انطونيوس بعد ذلك يبشر في مدن وقرى مقاطعة رومانيا ، حيث زار فيما زار مغارة مونت باولو ، التي تعبد فيها فترة من الزمن .ثم رحل من هناك الى مدينة بولونيا ،
حيث سرٌهُ ان يشاهد هناك كثيرين من تلاميذه الرهبان الفرنسيسكان وتقدمهم الملحوظ في الفضيلة والعلم ، ولاسيما علم اللاهوت ، الذي كانوا يدرسونه بنجاح ، لا لأخوتهم في الرهبنة فحسب ،
بل لرجال الاكليروس ايضا .الا ان اقامة انطونيوس ببولونيا لم تطل ، في هذه المرة ، فقد ارسل اليه رئيس الرهبنة العام يأمره بالتوجه الى مدينة فلورنسا ،التي كان قد تفشى في ربوعها " الربا "
ليعظ اهلها ويردهم عن طريقهم الشرير .غادر انطونيوس بولونيا قاصدا فلورنسا ، حاضرة اقليم توسكانا ، في نوفمبر سنة 1228 ، حيث استطاع بقوة كلمة الله ، تساندهم معجزة قداسة سيرته ،
وبعض المعجزات الاخرى، ان يسأصل شأفة رذيلة " الربا " السائدة اذ ذاك بتلك المدينة الكبيرة . واليك خبر احدى تلك المعجزات التي صنعها بهذا الصدد :
(( معجزة وجود قلب المرابي في خزانة مدخراته ))
.......................................................................
لقد دعي القديس انطونيوس ذات يوم ، الى جنازة احد كبار المرابين الاثرياء ، ليلقي كلمة في تأبينه .فما كان منه الا ان اتخذ موضوعا لكلامه الآية الكريمة:
" حيث يكون كنزك هناك يكون قلبك ( 21 :6 ) .
و بعد ان شرح الآية شرحا مستفيضا ، طبق تلك الآية على المرابي المتوفي ،قائلا :" مات هذا الغني فدفن في جهنم" ( لوقا 16:12 ). و ان كنتم لا
تصدقون كلامي ـ قال لسامعيه ـ فاذهبوا الى خزانة كنزه ، تجدون قلبه هناك وسط نقوده الذهبية و مجوهراته .ذهب اقارب الميت يصحبهم جمهور غفير من
الاصدقاء و المعارف و ما اشد دهشتهم ، حينما راوا وســـط ذلك الكنز ، من الاصفر الرنان ، قلب المسكين .و كانما لم يكفهم ذلك دليلا عمدوا ،
ازاحة الشك باليقين ، الى جثة الرجل ، و فتحوا جنبه الايسر ،فالفوا تجويف الــصــدر خاليا من قلبه .كان لهذه المعجزة الفريدة التي حققت كلام الانجيل المجازي حرفيا ،
صدى كبيرا في كل اوساط المدينة ، ولا سيما بين رجال الاعمال و كبار التجار و المرابين الذين كانت لهم رادعـا ليس بعده رادع ، للكف عن كل ربـــى
مجحف بالحق و العدالة و الاكتفاء بالربح الحلال ، الذي يسمح به العرف و الشريعة .