القديس انطونيوس البادوي معجزة " هبة الالسن " :
ان المعجزة التي سنتكلم عنها الان , تثبت بوضوح تام بأن لقب " نفير الروح القدس" لقب غير مبالغ فيه , جدير حقا بقديسنا ,وهو الذي أعطى فيما أعطى ,هبة تبليغ بشرى دعوى الانجيل الى الشعوب بكل اللغات الأوربية المعروفة اذ ذاك .فقد صادف ان تلك السنة ,التي كان انطونيوس فيها بـ روما سنة اليوبيل المقدسة .ولما كان الناس في سنة اليوبيل يأتون الى روما بأعتبارها عاصمة الكثلكة و مقر البابا , من كل مكان في أوربا للتبرك وكسب غفرانات اليوبيل , فقد كانت المدينة الخالدة غاصة بالحجاج الفرنسيين , والاسبان و الالمان والبرتغاليين والانكليز والساكسون والفلمنك والسويسريين واليونانيين والصقالبة ( وهي الشعوب السلافيية ) .
فكل هؤلاء الحجاج من غير الايطاليين ,ما ان سمعوا بوجود انطونيوس بـ روما حتى اسرعوا والتفوا حوله , لا طمعا منهم في الافادة من كلمته , التي كان اغلبهم يجهل لسانها , بل لمشاهدته وسماع صوته فقط , ولكن ما اعظم دهشتهم عندما اخذ كل منهم يسمعه يتكلم لغته , التي ولد فيها ,بلسان فصيح واسلوب صحيح ! .. على هذا النحو العجيب قد تجددت على يد انطونيوس البادوي معجزة " هبة الالسن " : التي حظى بها الرسل والتلاميذ الأولون ,في يوم الخمسين , عندما حٌل عليهم الروح القدس ,في علية صهيون بمدينة اورشليم ( القدس ) "فطفقوا يتكلمون بلغات اخرى كما آتاهم ان ينطقوا ". بيد ان هبة الالسن هذه تلألأ بها ,بعد القديس انطونيوس ,كوكبا رهبنتا الفرنسيسكانية , القديسان برناردينوس السياني ( 1380 ـ 1444 ) وفرنسيس صولانو .. الأول في مجمع فلورنسا , وهو المجمع المسكوني الـ 17 ( 1438 ـ 1445 ) , والذي كانت غايته اتحاد الكنائس .والثاني في بلاد امريكا اللاتينية ,حيث كان يبشر شعوبها بالانجيل وحيث توفي في مدينة ليما عاصمة بيرو عام 1610 . كما تلألأ بهبة الالسن ايضا القديس فرنسيس كسفاريوس (1506 ـ 1552 ) فخر رهبنة الآباء اليسوعيين .ورسول الهند المشهور .الا اننا لا نظن ان احد من هؤلاء القديسيين كان جمهور مستمعيه على لغات متنوعة وعديدة , مثلما كان جمهور مستمعي قديسنا . ولذا فما أصوب وأجدر ان يلقبه معاصروه , وتلقبه كل الاجيال من بعده " نفير الروح القدس" : وهو نفيره لحكمته السماوية الممتلئ منها , ونفيره سبحانه وتعالى لتلقينه بعض تلك الحكمة لبني جنسه ,بلسان جاء خارقاً للعادة , حتى حق له ان يقول مع الملك المرتل :" روح الرب تكلم فيٌ , وعلى لساني كلمته " .( 2 ملوك 23 : 2 ) .