في البداية العهد الجديد
شاء الروح القدس، في القرن الأَول للميلاد، أَن يوحي إلى أَربعة رجال أَن يُدَوِّنوا الإِنجيل وهو البشارةُ بالمسيح مُخَلِّص العالم؛ فتولّى كل منهم التَّركيزَ على جانب مُعين من جوانب حياة يسوع وشخصيته الفريدة.
فالإِنجيل الذي دوَّنه متّى يُركز على أن المسيح هو الملك الذي كان اليهود ينتظرونه؛ ولكنَّهم، لما جاء، رفضوه وصلبوه، مع أنه هو ابن داود الذي تمت به نبوءات العهد القديم، وابن إبراهيم الآتي بالبركة للأُمم جميعاً.
ويتضمن هَذا الإِنجيل نُخبَة من تعاليم المسيح، ولاسيما ما يختص منها بملكوت السماوات، فيكشف أسراره عن طريق الأَمثال، ويُبَيِّن ما سيحدث في نهاية الزمان وعند رجوع المسيح ملكاً ممجداً، وينتهي بالحديث عن آلام المسيح وموته وقيامته.
معنى كلمة انجيل
والإنجيل كلمة معربة من اصل يوناني وتلفظ هكذا (ايوا نكاليون او تلفظ ايفا نكاليون) , وتحمل معنى ( البشرى)أو ( الخبر السار)لأن الإنجيل نفسه قد دون باللغة اليونانية وهي اللغة التي كانت سائدة يومئذ في جميع نواحي الإمبراطورية الرومانية , ومنها ترجم إلى اللغات الأخرى (1) .
انجيل البشير متى ( حرفيا "نسبت إلى الرسول متى " ) بالاغريقية (Κατά Μαθθαίον or Κατά Ματθαίον) . هذا الانجيل هو احد الاناجيل الاربعة التي هي ضمن العهد الجديد الكتاب الذي يعتمده المسيحيين في حياتهم. الأناجيل الاربعة هي صمن العهد الجديد من الكتاب المقدس والتي تم طباعتها بصورة تقليدية ابتداءا من :متى ويليه وبحسب الترتيب مرقس ولوقا ومن ثم يوحنا . انجيل متى يسمى تقليديا بأ نجيل متى البشير أو المبشر.
تاريخ كتابة الانجيل
هناك الشيء القليل في هذا الانجيل ما يدل ويوضح على تاريخ تدوينه. بعض الدارسين المتخصصين مثل (جون وينهام) و( نورمان جيسلر) ناقشوا بأن هذا الانجيل تمت كتابته قبل دمار اورشليم ، أي بين سنة 60 – 65 ، وهذا بسبب الايمان بأن الدمار الثاني للهيكل تم التنبوء به عن طريق السيد المسيح ، بينما لم يكن يوجد أي مرجع يقر بحدوث هذا الحدث بين هاتين السنتين ( متى اصحاح 24).
بينما الدارسين المتحررين (الليبراليين) يَضعون تأريخ تدوين هذا الانجيل سنة 80 – 100 ، وهذا لانهم يعتقدون بأن وشاكة حدوث دمار الهيكل تٌٌٌبين ان كتابة هذا الانجيل حدثت فعليا بعد دمار الهيكل.
معظم الدارسين يوافقون على مراجع الكتابات الاغناطية ،التي تقترح بأن إنجيل متى قد أُكمل قٌٌٌٌٌٌٌبيل حلول القرن الثاني.
بينما الاقلية من الدارسين المتحفضين من المسيحيين يناقشون احتمالية كتابته في تاريخ مبكر جداًًًً ، حيث كما نرى سنة 1911 الموسوعة الكاثوليكية : " المدن الكاثوليكية على العموم تفضل السنين 40-45". في اوقات لاحقة, نرى ان (جون وينهام) " الذي هو من أكبر المساندين للنظريات الاغناطية " يكون في موقف المدافع عن التأريخ المبكر لكتابة إنجيل متى ، حيث اعطى الموافقة الجماعية عن كنيسة الاباء بخصوص وضع إنجيل متى قبل إنجيل مرقس "في تسلسل الاناجيل في العهد الجديد" مع ان هذا التسلسل يمكن ان يُُُعرف من محتويات الاناجيل الاربعة.
اضافة لذلك ، ( كارستن بيتر ثيد ) في دراسته ( شهادة عيان للمسيح : أي ان إنجيل متى كُتب سنة 70 حيث كان لايزال الكاتب على قيد الحياة بعد معاينته للمسيح) ،حيث يناقش ( كارستن بيتر ثيد ) اعادة تحديد تاريخ ل (Magdalen papyrus) " التي هي القطعة الاغريقية التي تعود لانجيل متى" وبذلك تحديد تأريخ كتابة إنجيل متى سنة 70.
هناك سبب اخر لهذا الوقت المبكر لكتابة إنجيل متى, حيث كرازة متى بين مواطنيه من اليهود كانت قبل ان يصبح الايمان الوثني بالمسيح بارز "أي ان متى ترك لليهود إنجيلاً مكتوباً بلغتهم كبديل لخدمته الشفهية قبل الذهاب إلى التبشير بين امم اخرى" وهذا كله جرى قبل دمار الهيكل أي خلال سنة 50.
هذا من جهة اما من جهة اخرى
هناك تقليد قديم – يكاد يكون مقبولاً من الجميع – بأن متى كتب إنجيله قبل الثلاثة الآخرين، وموضعه من أسفار العهد الجديد يدعم هذا التقليد . ويقول إيريناوس إنه كتب بينما كان بطرس وبولس يكرزأن فى رومية . ويقول يوساييوس أن ذلك حدث عندما ترك متى فلسطين وذهب ليكرز للآخرين . ويذكر أكليمندس الإسكندرى أن الشيوخ الذين تعاقبوا الواحد تلو الآخر منذ البداية ، ذكروا أن الأنجليين المشتملين على سلسلتى نسب المسيح (متى ولوقا) قد كتبا أولاً ، وهذا ولا شك ضربة قاضية على النظرية الشائعة على أن إنجيل متى قد اعتمد على إنجيل مرقس ، مما يدعو الى رفضها . وعلى أى حال، من المؤكد أن هذا الإنجيل قد كتب قبل خراب أورشليم فى 70 م (أنظر مت 24: 15) . والتاريخ المرجح لكتابة هذا الإنجيل فى اليونانية هو العقد السابع من التاريخ الميلادى ، ويرى البعض مثل زاهن إنه قد كتب فى الأرامية فى 62م.
كاتب انجيل متى
(ومتى , اسم كاتب الإنجيل , اسم عبري , معناه (عطاء الله ) , وله اسم آخر وهو (لاوي )
(يقر علماء الغرب أن الإنجيل كتب أصلا باللغة اليونانية رغم تأثر الكاتب باللغة الأرامية)،كاتب إنجيل متى (حسب الاباء الاولين ) هو رجل يهودي كان يشغل منصبا هاما ومربحا كجامع للجزية في الحكومة الرومانية في( كفر ناحوم) ، ولكن يسوع قال له اتبعني (متى 9:9)، فأدرك أن الأرباح المادية لا يمكن أن تقارن بالقيمة الأبدية للفرص التي لا يتيحها إلى يسوع وحده. وجعله يسوع أحد تلامذته الأثني عشر , فلزمه ورأى معجزاته وسمع كلامه . فهو شاهد عيان لما رواه . وبعد صلب السيد المسيح كتب الإنجيل في السنة العاشرة (3) . لصلبه , أي سنة 44 م , ليبين لليهود أن يسوع هو المسيح بن داود , الذي وعد الله به شعبه . "وقد كتبه بالآرامية وهي اللغة الدارجة في ذلك العصر" , والتي بها خاطب يسوع الناس ونقل المسيحيون الأولون إنجيل متى إلى اليونانية , ثم فقد الأصل الآرامي , وبقيت الترجمة اليونانية , وهي المعول عليها في البحث والنقل إلى سائر اللغات
وقد كتب متى أساسا إلى اليهود، (فمتّى وجّه خطابه إلى اليهود فتحدث إليهم بأسلوب يفهمه اليهودي ، ولذلك استشهد انجيل متى بكثير من آيات التوراة التي يعرفها اليهود ، والتي تنبأت عن المسيح كي يدرك اليهودي بأن هذا هو المسيا المنتظر الذي كتب عنه أنبياؤهم ، وهذا شجع أعداداً لا تحصى من اليهود) واقتبس من جميع أسفار العهد القديم تقريبا.
ويقدم متى الهدف من إنجيله في الكلمات الافتتاحية: كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود ابن إبراهيم (1:1). والكلمات ابن داود ابن إبراهيم تأتي 10 مرات في إنجيل متى. فإن "ابن داود" تربط المسيح بالعرش، أما "ابن إبراهيم" فهي تربطه بالمذبح. يبدأ متى إنجيله بسلسلة نسب يسوع ويقودنا إلى ولادته المعجزية. وهذا كله كان لكي يتم ما قيل من الرب بالنبي القائل (متى 22:1؛ إشعياء 14:7). وقد حققت ولادته في بيت لحم نبوة ميخا بأن المسيا سوف يولد في مدينة داود (ميخا 2:5؛ أيضا لوقا 4:2).
وقد تتبّع متى سلسلة نسب يسوع من إبراهيم إلى داود، كدليل على أن يسوع قد تمم نبوات العهد التي أعطاها لهم الله (تكوين 1:12-3؛ 2 صموئيل 8:7-17). ثم استمرت السلسلة حتى يوسف الذي كان الأب الشرعي، مع أنه ليس الفعلي، للرب يسوع. ويؤكد إنجيل متى الولادة الطبيعية لكل ابن من أبيه من خلال تكرار كلمة "ولد" في جميع المراحل. أما في العدد 16 فإننا نلاحظ تغييرا واضحا إذ يقول: يوسف رجل مريم التي ولد منها يسوع (متى 16:1).
وقد كان السنهدريم يحتفظ بالسجلات المدنية حتى يستطيع اليهود أن يعرفوا سلسلة أنسابهم. ولكن أعداء المسيح لم يحاولوا أبدا أن ينقضوا دعواه بأنه من العائلة المالكة - ابن داود. فلو كان يوسف هو الأب الفعلي ليسوع، لما كان من حق يسوع أن يجلس على كرسي داود، لأن يوسف كان من يكنيا الذي حرمه الرب من أن يملك على إسرائيل (إرميا 23:22-30؛ أيضا 2 ملوك 8:24-15؛ 2 أخبار 8:36-10). ولكن مريم كانت من نسل ناثان، وهو ابن آخر من أبناء داود، والذي لم يكن من نسل يكنيا (لوقا 31:3؛ 2 صموئيل 15:5).
التتمة في الاسفل